الحرب الإسرائيلية المدمرة على غزة، حملت عنوانا شاعريا جميلا ''الرصاص المصبوب''، لم تكن في حقيقتها تحمل من جمال الشعر إلا الاسم، وكانت بالمقابل من أكثر الحروب دموية وبشاعة على مر التاريخ· فأن يواجه قطاع محاصر أصلا لمدة طويلة، ولا يتنفس إلا من خلال معابر لا تفتح إلا في مناسبات قليلة، واحدا من أحدث وأقوى الجيوش في المنطقة والعالم، فالنتيجة محسومة مسبقا ولم يكن أشد المتفائلين يتوقع أن تصمد غزة أكثر مما صمدت رغم حجم الدمار والخراب الكبيرين والضحايا من الأطفال والشيوخ والبالغين الذي وصل إلى 1400 في ظروف أقل من شهر·
لقد اختارت إسرائيل لحظة تاريخية مناسبة تمثلت في المرحلة الانتقالية لمرحلة تسلم السلطات بين إدارة جورج بوش الجمهوري المنصرف وباراك أوباما الديمقراطي القادم، لتحسم أمر ''قطاع غزة'' الذي استولت عليه حركة حماس بطرد سلطة فتح من هناك وتأسيس دويلة ذات طابع إخواني، وتوقع قادة الحرب الإسرائيليون أن يتم الأمر في أيام قليلة، لكن المدة طالت أكثر من اللازم وصواريخ القسام الحماسية مازلت ترمى على مقربة من تل أبيب في عملية تحدي وتهييج للمارد الإسرائيلي، لكن حسابات ثلاثي الحرب الإسرائيلي (أولمرت، باراك، ليفني) بدأت تختلط مع طول المدة التي تتسبت في تورط إسرائيل في جرائم ضد الإنسانية من شأنها أن تقلب المعادلة، وبدأنا نخرج من دائرة بوش إلى دائرة أوباما الذي ما كان أن يحتفل بحفل تنصيبه يوم العشرين من جانفي والحرب التي يقودها حلفاء واشنطن مستمرة على أجساد أطفال وعجائز غزة· وبالفعل نجح عامل الزمن في منع إسرائيل من القضاء على دويلة غزة الإخوانية بدليل أن صورايخ القسام استمرت في السقوط قرب تل أبيب حتى بعد وقف إطلاق النهار الرسمي يوم الثامن عشر من جانفي، على بعد يومين من حفل تنصيب أوباما الرئيس الذي يستعد بعد أيام قليلة للاحتفال بالذكرى الأولى لترؤسه الولايات المتحدة الأمريكة· ومرت الآن سنة كاملة على بدأ تلك الحرب جاء أثناء ساسة جدد يقودون إسرائيل والمنطقة نحو مزيد من التأزيم، وفاز الرئيس الأمريكي نفسه بجائزة نوبل للسلام على مجمل نوياه السلمية في المنطقة وفي العالم وبقي مبعوثه الدائم في المنطقة جورج ميشل يطوف على طريقة سيزيف دون أن يتحسن الوضع، أما المواطن الغزاوي فلم يستفد من برامج إعادة الإعمار التي بقيت حبرا على ورق واستمر معها الحصار الإسرائيلي مع انعدام الرؤية بشأن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط الذي قامت من أجله الحرب، ومع فشل جولات الحوار التي ترعاها الدولة المصرية في إنهاء الصراع بين فتح وحماس، بدأت الإشاعة تتحول إلى حقيقة وجدار فولاذي بعمق يصل إلى الثلاثين متر يبنى على طول العشر كيلومترات التي تفصل مصر عن الحدود مع القطاع، والمأساة الإنسانية في القطاع تزداد حدة أكبر مما كانت قبل تلك الحرب المدمرة·
غـــــــزة بالأرقـــــــام
23 هو عدد الأيام التي استغرقها العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة·
1450 فلسطيني في غزة سقطوا جراء العدوان، وهم يعادلون 0.1 % من عدد سكان القطاع 1.5 مليون نسمة·
5450 عدد الجرحى من الفلسطينيين، وهم يعادلون
0.4 % من عدد السكان، بينهم 1606 أطفال و828 امرأة·
1.9 مليار دولار هو تقريبا حجم الخسائر الاقتصادية المباشرة التي تكبدها قطاع غزة نتيجة العدوان (الخسائر في المباني والبنية التحتية)، وتشمل تدمير (4100) مسكن بشكل كامل، ونحو (35) مسجدا، و(120) مبنى حكومي، و(3) مقرّات تابعة للأونروا·
49 مليون دولار هو حجم الحاجات التمويلية لإعادة إعمار المرافق والمباني التي يشرف عليها البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة في غزة، وفقا لتقديرات جامعة الدول العربية·
14 فقط هم عدد القتلى من الجنود الإسرائيليين وفقا للمعلومات الإسرائيلية· فقد عمدت إسرائيل إلى إخفاء الحجم الحقيقي للخسائر في جنودها وفرضت تكتّما إعلاميا تاما على خسائرها·
120 مليون شيكل، هو حجم الأضرار التي لحقت بالمصانع في جنوب إسرائيل، ووفقا لحسابات اتحاد الصناعيين الإسرائيليين، منها 87 مليون شيكل أضرارا مباشرة، أما المبلغ الباقي فأضرار غير مباشرة·